مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

هل يمنع تعديل قانون "البغاء" في العراق "المثلية الجنسية وتبادل الزوجات؟"

هل يمنع تعديل قانون "البغاء" في العراق "المثلية الجنسية وتبادل الزوجات؟"
SaheehNewsIraq

الكاتب

SaheehNewsIraq
nan صوت البرلمان العراقي، أمس السبت، على تعديل قانون "البغاء" رقم 8 لسنة 1988 في جلسة حضرها 170 نائبًا من أصل 329، بإضافة فقرات تحظر "المثلية الجنسية وتبادل الزوجات لأغراض جنسية وتغيير الجنس البيولوجي"، ليثير جدلاً واسعًا واعتراضات دولية[1]. يوضح "صحيح العراق" في هذا التقرير أبرز محطات تعديل القانون وأخطر فقراته، وملابسات تخفيف عقوبات المدانين بـ "المثلية" في اللحظات الأخيرة، فضلاً عن أبرز نصوصه، والمواقف الدولية التي أثارها. محطات تعديل القانون: أعدت مسودة التعديل اللجنة القانونية في مجلس النواب، وعرضتها للقراءة الأولى في جلسة البرلمان رقم (10) في يوم الثلاثاء 15 آب أغسطس 2023، بعد التصويت بالموافقة على الطلب المقدم من قبل 77 نائبًا لإضافة الفقرة على جدول أعمال الجلسة.[2] في ذات الجلسة، أنهت اللجنة القانونية القراءة الأولى لـ"مقترح قانون التعديل الأول لقانون مكافحة البغاء رقم (8) لسنة 1988"، ونص في أسبابه الموجبة على أنّه يأتي "انسجامًا مع الفطرة الإنسانية والطبيعة البشرية التي خلق الله الإنسان عليها من ذكر وانثى، وحفاظًا على كيان المجتمع العراقي من الانحلال الخلقي ودعوات الشذوذ الجنسي التي غزت العالم ولخلو التشريعات العراقية من العقاب الرادع أفعال الشذوذ الجنسي ومن يروج لها".[3] وغاب المقترح عن جلسات البرلمان حتى جلسة رقم (5) من العام التشريعي 2024، في يوم الخميس 1 شباط/فبراير، إذ انتهى مجلس النواب برئاسة محسن المندلاوي، من "قراءة تقرير ومناقشة (القراءة الثانية) لمقترح قانون التعديل الاول لقانون مكافحة البغاء رقم (8) لسنة 1988"، بعد أن أنهت اللجنة القانونية تقريرها بشأن مقترح التعديل في ذات اليوم.[4] في 11 آذار مارس الماضي، عقدت اللجنة القانونية جلسة لـ "تدارس بعض مواد وفقرات مقترح قانون التعديل الأول لقانون مكافحة البغاء"، دون الإشارة إلى تفاصيل هذه الفقرات.[5] ملاحظات مجلس القضاء ومجلس الدولة ونقابة المحامين وفي 27 آذار مارس، عقدت اللجنة القانونية اجتماعًا لمناقشة الملاحظات والمقترحات بشأن التعديل، بحضور ممثل عن مجلس القضاء الأعلى، وممثل عن مجلس الدولة، وثالث يمثل نقابة المحامين، إذ شهد هذا الاجتماع شرحًا قدمه ممثل مجلس القضاء لـ"أبرز نصوص المواد المراد تعديلها في القانون"، وتسجيل ملاحظة من قبله لـ"وجود نقص في بعض فقرات القانون، حيث لم تشمل بنود القانون موضوع البغاء الإلكتروني"، فيما قدم ممثل مجلس الدولة ملاحظات تخص"آليات التعديل في القانون في حال كان التعديل لأكثر من نصف المواد"، وكذلك اعتماد مبدأ التسلسل في كتابة النصوص القانونية. أما ملاحظة ممثل نقابة المحامين فجاءت عن "عدم وجود عقوبة تشمل السمسرة في القانون".[6] مزيد من النقاشات ثم عقدت اللجنة القانونية اجتماعًا آخرًا بشأن تعديل القانون، في 15 نيسان/أبريل، شهد "مناقشة الملاحظات المقدمة بشأن مقترح قانون التعديل الاول لقانون، قبل عرضه على التصويت أمام المجلس".[7] اللحظات الأخيرة.. تعديل نص عقوبة الإعدام للمثليين كما عقدت اللجنة اجتماعًا أخيرًا قبيل عقد جلسة رقم (20) يوم السبت 27 نيسان أبريل، إذ وضعت "اللمسات الاخيرة بشأن تعديل بعض مواد وفقرات القانون، لعرضه على التصويت في الجلسة".[8] وتضمنت المسودة الأخيرة التي عرضتها اللجنة القانونية للتصويت نصًا في المادة (6) يقضي بإعدام من "يقيم علاقة شذوذ جنسي"، لكن مجلس النواب خفف العقوبة أثناء التصويت إلى السجن لمدة "لا تقل عن 10 سنوات، ولا تزيد عن 15 سنة"، كما علم "صحيح العراق" من مصادر في اللجنة ونواب حضروا الجلسة. وقال أحد أعضاء مجلس النواب عن الإطار التنسيقي لـ"صحيح العراق"، إنّ "التعديل جرى بتوافق جميع الأعضاء الذين حضروا الجلسة"، مشيرًا إلى أنّ اقتراح تخفيف العقوبة جاء بالنظر إلى أنّ عقوبة الإعدام يجب أن تختص بمرتكبي الجرائم الكبرى التي تؤدي إلى إزهاق نفس، وهذه الجريمة لا تقارن بها"، مبينًا أنّ التعديل "سيحد بشكل كبير من جرائم البغاء التي باتت تمثل ظاهرة واضحة، خاصة في إقليم كردستان". أبرز نصوص التعديل: وتمثلت أبرز نصوص التعديل في المادة الأولى، بإلغاء اسم القانون السابق "مكافحة البغاء"، ليحل محله قانون "مكافحة البغاء والشذوذ الجنسي"، فيما حددت المادة (2) تعريفاته كما يلي[9]: البغاء: تكرار ممارسة الزنا مع أكثر من شخص بأجر أو من دون أجر. الشذوذ الجنسي: هو ممارسة أي صورة من صور السلوك الآتية: أ- الشذوذ الجنسي المثلي: العلاقة الجنسية بين شخصين من جنس واحد ذكر وذكر أو أنثى وأنثى. ب - تبادل الزوجات لأغراض جنسية. التخنث: وهو كل ممارسة مقصودة للتشبه بالنساء، ولا يعتد بما يقع منه لأغراض التمثيل. السمسرة: الوساطة بين شخصين بقصد تسهيل البغاء او الشذوذ الجنسي بأية طريقة كانت ويشمل ذلك التحريض ولو بموافقة أحد الشخصين أو طلبه كما يشمل استغلال بغاء الشخص بالرضا أو بالإكراه. بيت الدعارة: هو المحل المخصص لفعل البغاء أو الشذوذ الجنسي أو تسهيل ممارستهما. تغيير الجنس ممنوع أيضًا وفي المادة (3) ألغى البرلمان نص المادة الثانية في القانون الأصلي، وأضاف بدلها "منع البغاء والسمسرة، ومنع التخنث والشذوذ الجنسي وتغيير الجنس البيولوجي للشخص"، وكذلك حظر "نشاط أي منظمة تروج للبغاء والشذوذ، كما ألزم هيئة الإعلام والاتصالات ووزارة الاتصالات باتخاذ الإجراءات بحقهم.[10] وسيتعرض من يدان بـ"التخنث أو الترويج له"، إلى الحبس "مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن 3 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 5 ملايين، ولا تزيد عن 10 ملايين دينار"، فيما "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن 3 سنوات من غير جنسه بايولوجيًا، ويعاقب الطبيب والجراح أيضًا.[11] أما المادة (4) فقد ألغت نص المادة الثالثة، واستبدلتها بنص: "عقوبة لا تزيد عن 7 سنوات وغرامة لا تقل عن 5 ملايين دينار، ولا تزيد عن 10 ملايين دينار، لكل سمسار أو من شاركه وكل مستغل أو مدير محل عام والأشخاص الذين يمارسون البغاء والشذوذ ومن يمتلك أو يدير بيت دعارة، كما يصادر المال المخصص لأغراض السمسرة.[12] فيما حذفت المادة (5) نص المادة الرابعة، التي كانت تحدد "عقوبة البغي التي يثبت تعاطيها البغاء بإيداعها احدى دور الإصلاح المعدة لتوجيه وتأهيل النساء مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر"، وحلت محلها عقوبة السجن "لمدة لا تزيد عن 7 سنوات، وغرامة لا تقل عن 3 ملايين دينار، ولا تزيد عن 5 ملايين دينار.[13] "لا عذر ولا رأفة" وفي المادة (6) حدد التعديل عقوبات "المثليين" وكل من "روج للبغاء أو الشذوذ الجنسي"، كما يلي[14]: يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (10) عشرة سنوات ولا تزيد عن (15) خمسة عشر سنة كل من أقام علاقة شذوذ جنسي. يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (7) سبعة سنوات وبغرامة لا تقل عن (10000000) عشرة مليون دينار ولا تزيد على (15000000) خمسة عشر مليون دينار كل من روج للبغاء أو الشذوذ الجنسي بأي وسيلة كانت أو ساعد على ذلك بأي طريقة وتصادر أي وسيلة استخدمت للترويج. كما نصت المادة، على أنّ "أحكام المواد (130، 131، 132) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل لا تسري بحق كل من ارتكب جريمة الشذوذ الجنسي أو الترويج لها". ويعني هذا النص، أنّ المواد الثلاث التي تسمح بتخفيف العقوبات في حال كان هناك "عذر"، وتتيح للمحكمة "الرأفة" بالمتهمين، لن تسري على المدانين وفق هذا التعديل.[15] اعتراضات دولية وحقوقية ومنذ إعلان تشريع القانون، سجلت جهات دولية عدة اعتراضها، وكان أبرزها وزارة الخارجية الأميركية التي حذرت من تأثير التعديل على "حقوق الإنسان والحريات الأساسية المحمية دستوريًا"، ومخاطره على "الأشخاص الأكثر عرضة للخطر في المجتمع العراقي،"، مشددة في بيان لها أنّ القانون "يمكن استخدامه لعرقلة حرية التعبير والتعبير الشخصي، وعرقلة أعمال منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العراق"، كما حذرت من أنّ "هذا التشريع سيضعف قدرة العراق على تنويع اقتصاده وجذب الاستثمارات الأجنبية".[16] القلق ذاته أعرب عنه وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، إذ قال إنّ "التعديلات على قانون مكافحة الدعارة العراقي، والتي تجرم المثليين، خطيرة ومثيرة للقلق. لا ينبغي استهداف أي شخص بسبب هويته، ونحن نشجع حكومة العراق على دعم حقوق الإنسان والحريات لجميع الناس دون تمييز".[17] بدورها، قالت الباحثة في شؤون العراق بمنظمة العفو الدولية، إنّ "التعديلات المتعلقة بحقوق المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين، تشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان الأساسية وتعرض العراقيين للخطر الذين تتعرض حياتهم للمطاردة يوميًا".[18] "القانون ليس واضحًا" أما على الصعيد المحلي، فقد برزت مخاوف من "اجتهادات" أثناء تطبيق مواد القانون، بالنظر إلى عدم شرح بعض مفرداته، ومنها تعريف "التخنث"، وعدم تفصيل بعض الفقرات المتعلقة بمنع الترويج لـ"الشذوذ"، في ظل غياب قانون "الجرائم الإلكترونية".[19] بالمقابل، دافع نواب عن التشريع، واعتبروه "انتصارًا" على "ضغوطات مارستها الولايات المتحدة وحكومات أوروبية"، فضلاً عن بعض المنظمات الأجنبية، بلغت حد "سحب القانون من جدول الأعمال، وتأخير التصويت"، خشية تعكير زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى الولايات المتحدة الأميركية. [20]