مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
nan
أثار احتفال العراق المركزي باليوم العالمي للبيئة، على مسرح وزارة البيئة في بغداد أمس، سخرية وانتقادات، إثر انتشار مقطع مصور يوثق معاناة الحاضرين إثر ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء عن أجهزة التكييف، فيما ظهر الوزير نزار آميدي أمام مروحة عمودية، إذ لا تعتمد الوزارة على مشاريع الطاقة المتجددة في مؤسساتها ودوائرها، ويقتصر نشاطها بهذا الصدد على "ندوات التوعية".[*]
ويحتفل العالم اليوم، 5 حزيران يونيو، باليوم العالمي للبيئة، وهو احتفال ينظمه برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) ويُعقد سنويًا، ويعتبر أكبر منصة عالمية للتوعية العامة بالبيئة ويحتفل به ملايين الأشخاص حول العالم منذ عام 1973،
وتستضيفه المملكة العربية السعودية هذا العام.[1]
"الوزارة تثقف ولا تطبق"
"صحيح العراق" تحدث إلى مسؤول في الوزارة حضر الحفل، وعلم أنّ ما حدث كان ناجمًا عن انقطاع التيار الكهربائي من المنظومة الوطنية، والاعتماد على مولد صغير غير كافي لتشغيل أجهزة التكييف العمودية المخصصة للمسرح.
وقال المسؤول الذي نتحفظ على كشف هويته، إنّ الوزارة لم تطبق حتى الآن مشاريع الطاقة البديلة في أي من مؤسساتها ودوائرها "نتيجة عدم توفير تخصيصات كافية"، مبينًا أنّ دور الوزارة يقتصر الآن على "إشاعة ثقافة التحول نحو الطاقة النظيفة المتجددة فقط".
ولا فلس للبيئة في جداول الإنفاق
وراجع "صحيح العراق" تقارير الإنفاق الحكومي منذ تشرين الثاني أكتوبر 2022، حين نالت حكومة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، إذ يظهر أنّ وزارة البيئة غابت تمامًا عن جداول الإنفاق الاستثماري.
عام 2022:
بلغ الإنفاق الحكومي الاستثماري في عام 2022 بالمجمل 12.018 تريليون دينار، لم تتضمن دينارًا واحدًا لوزارة البيئة.[2]
وعلى الرغم من أنّ جدول الإنفاق الاستثماري يظهر إنفاق 330.28 مليار دينار، في حقل المباني والخدمات لوزارة الصحة والبيئة، إلا أنّ المسؤول في وزارة البيئة أكّد أنّ هذه الأموال ذهبت إلى مرفقات تتعلق بوزارة الصحة، لا علاقة لها بالبيئة.
عام 2023:
وشهد العام الماضي، أول أعوام حكومة السوداني، ارتفاع الإنفاق الاستثماري إلى أكثر من الضعف مقارنة بعام 2022، إذ أنفقت الحكومة 24.192 تريليون دينار من موازنتها الاستثمارية.[3]
وغابت وزارة البيئة عن الإنفاق الاستثماري أيضًا لعام 2023، إذ لم تتضمن جداول الإتفاق تخصيص أي فلس للمشاريع أو الخدمات المتعلقة بالبيئة.
2024:
جداول الإنفاق العام للأشهر الأولى من 2024 لم تختلف أيضًا، إذ تظهر بيانات وزارة المالية المنشورة، أنّ الإنفاق الاستثماري حتى نهاية شهر آذار/مارس الماضي، لم يتضمن مبالغ لوزارة البيئة.[4]
وبلغ حجم الإنفاق الاستثماري الحكومي للأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام 1.89 تريليون دينار، منها 1.18 لقطاع المباني والخدمات.
الحكومة لا تبالي إلى درجة تثير الذعر
وعلى الرغم من إقرار كبار المسؤولين في العراق بالخطر الهائل الذي يمثله التغير المناخي على العراق، بشكل يهدد الأمن الغذائي والأجيال القادمة[5]، إلاّ أنّ الجهات المسؤولة ما تزال "غير مبالية" على حد تعبير نائب رئيس حكومة كردستان قوباد طالباني.
طالباني قال في مقال نشرته الصحيفة الرسمية بعنوان "كوارث وشيكة يجب أن توحّدنا قبل فوات الأوان"، إنّ "التقارير والدراسات المحلية والدولية تحذرنا كلَّ عام من كوارث كبرى لا يمكن إصلاحها. ومع ذلك، فإنَّ سياساتنا ونظام حكمنا في العراق وكردستان ما زالت غير مبالية بشكل كبير، وبدرجة تثير القلق والذعر".[6]
وذهب طالباني أبعد في تحذيره، مشددًا أنّ "خطر التدهور البيئي أكبر بكثير من خطر الإرهاب، لأنَّ وجود الجماعات الإرهابية مؤقت مهما طال، وعواقبه انتقالية مهما كانت مؤلمة، لكنَّ هذا التدهور قد يكون مزمنًا وبعيد المدى، لا يمكن إصلاحه أو وقف تهديده الذي سينال حتمًا من الأجيال المقبلة"، مبينًا أنّ "المشكلة اليوم لم تعد تقتصر على الهجرة القسرية لعشرات الآلاف من الأسر في جنوب العراق ووسطه، والاتساع المخيف لرقعة التصحر، والانخفاض غير المسبوق للمياه السطحية والجوفية، بل تتفاقم إلى كوارث بيئية مستمرة دون اهتمام من أي جهة، وكأنها مصيبة تحدث في كوكب آخر، لا نعيش فيه". [7]
كيف يؤثر التغير المناخي على العراقيين؟
وشهدت السنوات القليلة الماضية، نزوح شخص واحد من كلّ 10 أشخاص في أنحاء المحافظات الجنوبية والوسطى من العراق نتيجة التغير المناخي. [8]
والعام الماضي، أشارت وكالة الأمم المتحدة للهجرة إلى زيادة عدد النازحين، نتيجة أزمة المناخ، بحوالي عشرة أضعاف مقارنة بعام 2021، مرجحة أن ترتفع معدلات النزوح أيضًا "مع اشتداد التغيرات البيئية".[9]
فيما يحتلّ العراق المرتبة 61 من أصل 163 بلدًا في مؤشر اليونيسف عن مخاطر المناخ على الأطفال، ويصنف حسب تقرير الأمم المتحدة للبيئة العالمية رقم (GEO-6)، باعتباره خامس دولة معرضة لنقص المياه والغذاء ودرجات الحرارة القصوى.[10]
وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة، إنّ هذا الترتيب المرتفع يرجع إلى مخاطر تغيّر المناخ الشديدة التي يتعرض لها الأطفال في العراق، مشددة في أحدث بياناتها على ضرورة العمل على الحدّ من أثر تغيّر المناخ لما له من تأثير بالغ على مستقبل البلاد.[11]
تهديدات أمنية أيضًا
ومؤخرًا أشار تقرير نشره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى أنّ المخاطر المناخية والبيئية في العراق تؤدي أيضًا إلى مشاكل أمنية، موضحًا أنّ ارتفاع معدلات درجات الحرارة وندرة المياه والتلوث وخسارة التنوع البيولوجي واسع النطاق ومجمل تأثيرات التغير المناخي والضغوط البشرية على البيئة، تساهم في إثارة الاضطرابات والتوترات المحلية وزيادة أبعاد الهشاشة بمختلف أصنافها.[12]
بالمقابل، تحدث وزير البيئة نزار ئاميدي في كلمته بمناسبة اليوم العالمي للبيئة، عن "جهود حكومية جادة في مجال الإصلاح البيئي"، مبينًا أنّ هذه الجهود تتضمن "التعاقد على مشاريع الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء، وإنجاز مشاريع الاستثمار في الغاز المصاحب بدل من حرقه في الهواء، وإنفاق أموال طائلة في استيراده لإنتاج الطاقة الكهربائية، واعتماد وزارة الزراعة السقي الحديث والبذور المقاومة للظروف البيئية والإدارة السليمة للمياه، وإشراك المؤسسات الأكاديمية والقطاعية في تحسين الواقع البيئي، وأيضا الجهود المضاعفة ما بين العراق والمنظمات الدولية والأمم المتحدة".[13]
وفي كلمة ثانية بثتها الوزارة اليوم، قال ئاميدي إنّ "السوداني أقر محور للبيئة والطاقة المتجددة في البرنامج الحكومي، ودعم الإصحاح البيئي في الموازنات"، مشيرًا إلى أنّ "إجمالي ما تم تخصيصه لمحور البيئة والتغير المناخي بلغ أكثر من 10 مليار دولار، خصصت لدعم توجهات العراق لاستغلال الغاز المصاحب ومنع حرقه وإيقاف الانبعاثات وتوليد الطاقة الشمسية".[14]
كما أشار الوزير إلى مشاريع "فك الاختناقات" كجزء من خطة الحكومة لمواجهة التغير المناخي، فضلاً عن الإجراءات المتعلقة باعتماد أساليب الري الحديث، وقال أيضًا إنّ السوداني "قرر أن يكون عام 2025 عام البيئة في العراق".[14+]
والشهر الماضي، شهد العراق الإعلان عن أول خطة للاستثمار المناخي، بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهي خطة "تهدف لدعم الاستثمار المناخي عبر تقديم خيارات قابلة للتطبيق للاستثمارات في القطاعات العامة والخاصة لتسهيل الإيفاء بالتزامات العراق المناخية، في استراتيجيات الاستثمار للفترة 2025- 2030"، كما تهدف إلى "تسريع العمل المناخي، وجذب الاستثمارات، مع خلق بيئة آمنة لكل من المستثمرين الأجانب والمحليين".[15]