مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
يتهم العراق رسميًا الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بارتكاب جريمة القتل العمد بحق قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني وقائد أركان الحشد الشعبي جمال جعفر أبو مهدي المهندس، وفق لائحة رسمية صادرة عن مجلس القضاء الأعلى، وهي جريمة يعاقب عليها القانون العراقي بالإعدام.1
وبعيدًا عن الحديث حول إمكانية تطبيق اللائحة التي صدرت عام 2021، وظلت دون أي أثر حقيقي منذ ذلك الحين، أثارت عودة ترامب إلى البيت الأبيض أسئلة عن الكيفية التي سيتعامل بها العراق رسميًا مع الإدارة الأميركية في ظل وجود مثل هذه المذكرة، ومدى قانونية التعامل الدبلوماسي مع الرئيس الجديد.
في هذا التقرير يوضح صحيح العراق الرأي القانوني بشأن التعامل الدبلوماسي مع الرئيس الأميركي المتهم رسميًا من قبل القضاء العراقي، كما يشير إلى بعض التداعيات التي قد تؤثر على شكل العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، خاصة على مستوى رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان.
فائق زيدان متمسك بالمذكرة
في 7 كانون الثاني يناير 2021، أصدرت محكمة تحقيق الرصافة، مذكرة قبض بحق الرئيس الأميركي المنتهية ولايته آنذاك، دونالد ترامب في قضية اغتيال المهندس ورفاقه وفقًا للمادة 406 من قانون العقوبات العراقي، وتوعدت باستمرار إجراءات التحقيق لمعرفة المشتركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سواء كانوا من العراقيين او الاجانب.2
وحينها أوضح الخبير القانوني الراحل، طارق حرب، بأنّ مذكرة القبض بحق ترامب تتوافق مع القانون وهي طريقة للتضييق على المتهم للحضور أمام المحكمة، وصدرت لعدم حضور المتهم والمثول أمام القضاء، بالرغم من تمتع رئيس الولايات المتحدة وأي رئيس بالعالم بحصانة وفقًا لاتفاقية جنيف، إلا أنّ الإجراء المتخذ من القضاء العراقي كان لابد منه.3
وفي 28 تشرين الثاني نوفمبر 2022، رفعت عائلة المهندس، دعوى قضائية ضد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو، ونظمت وقفة أمام محكمة استئناف الكرخ في العاصمة بغداد، للمطالبة بمحاسبة المتورطين في حادثة المطار.4
ومطلع عام 2023 الماضي أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، إصرار العراق على متابعة الإجراءات القانونية ضد ترامب، وقال إنّ الأخير اعترف بارتكاب الجريمة، ومسؤولية القضاء في محاسبة من ارتكب الجريمة بحق قادة النصر مضاعفة.5
المادة 406 من قانون العقوبات العراقي؟6
وتنص المادة 406 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 على:
1 يعاقب بالاعدام من قتل نفسًا عمدًا في إحدى الحالات التالية:
أ إذا كان القتل مع سبق الإصرار أو الترصد.
ب إذا حصل القتل باستعمال مادة سامة، أو مفرقعة او متفجرة.
ج إذا كان القتل لدافع دنيء أو مقابل أجر، او اذا استعمل الجاني طرقاً وحشية في ارتكاب الفعل.
د إذا كان المقتول من أصول القاتل.
هـ إذا وقع القتل على موظف أو مكلف بخدمة عامة أثناء تأدية وظيفته أو خدمته أو بسبب ذلك.
و إذا قصد الجاني قتل شخصين فأكثر فتم ذلك بفعل واحد.
ز إذا اقترن القتل عمدًا بجريمة أو أكثر من جرائم القتل عمدًا أو الشروع فيه.
ح اذا ارتكب القتل تمهيدًا لارتكاب جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس مدة لا تقل على سنة أو تسهيلًا لارتكابها أو تنفيذًا لها أو تمكينا لمرتكبها أو شريكه على الفرار أو التخلص من العقاب.
ط إذا كان الجاني محكومًا عليه بالسجن المؤبد عن جريمة قتل عمدي وارتكب جريمة قتل عمدي أو شرع فيه خلال مدة تنفيذ العقوبة.
2ـ وتكون العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد في الأحوال التالية:
أ إذا قصد الجاني قتل شخص واحد فادى فعله إلى قتل شخص فأكثر.
ب إذا مثل الجاني بجثة المجنى عليه بعد موته.
ج إذا كان الجاني محكومًا عليه بالسجن المؤبد في غير الحالة المذكورة في الفقرة 1 – ط من هذه المادة وارتكب جريمة قتل عمدي خلال مدة تنفيذ العقوبة.
مذكرة العراق ليس لها أي قيمة!
ولا ينص القانون العراقي، بما في ذلك قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969، الذي يتناول جرائم القتل العمد والإجراءات القانونية المرتبطة بها، بشكل صريح على منع الحكومة من التعامل الدبلوماسي مع المتهمين في جرائم القتل العمد بشكل عام. لكن في المسائل الدبلوماسية، يمكن أن تؤثر التهم الجنائية، خاصة التهم البالغة الخطورة مثل القتل العمد، على طبيعة العلاقة الدبلوماسية بين العراق ودول أخرى، كما يشير 3 خبراء في القانون تحدث إليهم صحيح العراق.
في القانون الدولي، وتحديدًا وفقًا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، يتمتع الدبلوماسيون بحصانة دبلوماسية تمنع معظم الإجراءات القانونية المحلية من التأثير عليهم في الدولة المضيفة. ومع ذلك، فإن هذه الحصانة يمكن رفعها في حالات معينة بواسطة الدولة المُرسِلة، إذا ارتأى الطرفان ضرورة ذلك، خاصة في الجرائم الخطيرة.
ومن الناحية القانونية، ووفقًا للاتفاقيات الدولية، فإن ترامب، باعتباره رئيس دولة، يتمتع بحصانة دبلوماسية لا تجعله عرضة للملاحقة القضائية في دولة أخرى، كما ينص على ذلك اتفاق فيينا. وفي حال زار العراق، سيكون من الصعب أيضًا تطبيق المذكرة بسبب هذه الحصانة والمصالح الوطنية التي قد تتداخل.
وعلى هذا الأساس يرى أستاذ في القانون، أنّ مذكرة الاعتقال الصادرة عن القضاء العراقي بحق ترامب دون أي قيمة حقيقية، خاصة في ظل شكل العلاقة القائمة حاليًا بين العراق والولايات المتحدة الأميركية، ويعتقد في الوقت ذاته أنّ العلاقات بين العراق والولايات المتحدة لن تتأثر بهذا الأمر، مشيرًا في حديث لـ صحيح العراق، إلى أنّ العلاقات ستمضي بشكل معتاد مع وجود ترامب دون أن يتغير أي شيء.
ويتفق خبيران في القانون الدولي الجنائي، مع هذا الرأي، مؤكدين لـ صحيح العراق، أنّ أمر القبض الصادر بحق ترامب من قبل القضاء العراقي لا يعدو إجراءً شكليًا لا قيمة له، كما أكدا أنّ التطورات الراهنة توجب على العراق مراعاة المصالح والقضايا الاستراتيجية في رسم ملامح طبيعة العلاقة مع إدارة ترامب للسنوات الأربع المقبلة.
فائق زيدان سيندم كثيرًا
على الجانب الآخر، أي بالنسبة للإدارة الأميركية الجديدة، لن تمر هذه الخطوة التي اتخذها مجلس القضاء الأعلى دون رد، إذ يقول غابريال صوما مستشار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب 7، إنّ فائق زيدان متهم بالتساهل مع إيران، ويقول أيضًا إنّ القضاء العراقي أصبح قضاءً يمثل الفكر الإيراني والنفوذ الإيراني في العراق ويجب وضع حد لهذا التدخل.
ويشدد صوما، أنّ فائق زيدان سيندم كثيرًا على ما فعله بوصول الرئيس ترامب، ويرى أنّ الشخص الذي يصدر مذكرة توقيف بهذه الطريقة شخصًا غير مسؤول ولا يهتم بالعواقب.8
السوداني وعبد اللطيف تجاهلا القضية
وسارع كلّ من رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني إلى تهنئة ترامب رسميًا، متجاهلين قضية مذكرة الاعتقال الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى.
وعبر حسابه في منصة إكس، قال رئيس الجمهورية، أتقدم بالتهنئة للرئيس ترامب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية. نتمنى له ولإدارته التوفيق في قيادة الولايات المتحدة نحو مزيد من التقدم والازدهار. كما نتطلع إلى مرحلة جديدة يسودها الأمل في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وتعزيز العلاقات البناءة التي تخدم مصالح وتطلعات الشعوب.9
فيما كتب السوداني عبر إكس أيضًا: نهنئ الرئيس المنتخب دونالد ترامب ونائبه جيمس ديفيد فانس والشعب الأمريكي بنجاح العملية الانتخابية، ونؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة على أسس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات متعددة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين.10
سوريا سبقت العراق
في عام 2019، أقام محامون سوريون دعوى قضائية ضد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بتهمة النيل من هيبة الدولة السورية والاعتداء على سيادتها وسلخ أجزاء منها والتدخل في الشؤون الداخلية السورية، وطالبت الدعوى التي وجهها عدد من أعضاء نقابة المحامين في حلب بإنزال أقصى العقوبات بحق ترامب.11
وفي عام 2020، أكّد نقيب محامي سوريا في نظام الأسد، فراس الفارس، عزمه رفع دعوى قضائية ضد ترامب، بسبب نيته في عام 2017 على استهداف رأس النظام بشار الأسد.12
تداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي معلومات عن إيقاف الحوثيين عملياتهم في المياه الدولية، إثر فوز ترامب بالرئاسة الأميركية، ونشرت خبرًا نسبته إلى الناطق باسم جماعة أنصار الله الحوثيين في اليمن نصه: عملياتنا في المياه الدولية كانت دفاعية فقط ونعلن ايقافها نهائيًا.
الحقائق
التصريح مزيف، إذ لم يصدر أي إعلان عن إيقاف عمليات المساندة العسكرية التي ينفذها الحوثيون في البحر الأحمر، وكان آخر بيان للمتحدث باسم الجماعة يحيى سريع قبل 3 أيام.
ومن خلال البحث في الصفحات الرسمية للناطق العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، لم نعثر على أي تصريح يعلن فيه إيقاف العمليات العسكرية في البحر الأحمر، سواء في صفحته على منصة إكس التي يتابعها أكثر من مليون شخص1، أو على قناته في تلغرام حيث يتابعه نحو ربع مليون متابع.2
وكان آخر بيان نشره الناطق العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، في 3 تشرين الثاني نوفمبر الجاري، وتضمن البيان تحذيرًا لشركات النقل البحري من شراء أصول وممتلكات شركات النقل البحري الإسرائيلية، إذ هدد بأنّها ستبقى ضمن الإجراءات العقابية التي تفرضها الجمهورية اليمنية على تلك السفن والشركات.3
وكان زعيم حركة أنصار الله الحوثيين عبد الملك الحوثي قال إنّ أي بلد أو قوة لن تتمكن من إيقاف عملياتنا، وأكّد جاهزية قواته لـ أي تصعيد.4
فيما أكّد الناطق باسم الحوثيين في بيانات سابقة، أنّ العمليات التي تنفذها الجماعة في البحر الأحمر، هي نصرة لمظلوميةِ الشعبينِ الفلسطينيِّ واللبناني وإسنادًا للمقاومتينِ الفلسطينية واللبنانية، كما أكّد أنّ القوات المسلحةَ اليمنية وردًا على جرائم العدو الصهيونيِّ في غزةَ ولبنانَ سوف تواصل عملياتِها العسكرية وإن هذه العملياتِ لن تتوقف إلا بوقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزةَ ووقف العدوانِ على لبنان.5
وعاد ترامب إلى البيت الأبيض مجددًا بعد أربع سنوات على خسارته أمام جو بايدن، ليصبح رئيسًا للولايات المتحدة. يمثل هذا الفوز عودة ملحوظة لرجل ترك الرئاسة وسط تدهور شعبيته في أعقاب أحداث اقتحام الكونغرس في السادس من كانون الثاني يناير 2021، وبعد انتقادات لاذعة وُجهت إليه من قبل الديمقراطيين وحتى بعض الجمهوريين، لكنه انطلق في رحلة استمرت أربع سنوات أعادته إلى قمة القوة في الولايات المتحدة.6
وكان دونالد ترامب قد أدرج الحوثيين على قائمتين للجماعات الإرهابية، قبل يوم من انتهاء ولايته عام 2021. وقتها عبرت الأمم المتحدة وجماعات الإغاثة وبعض المشرعين الأميركيين عن قلقهم من أن تعطل العقوبات تدفق الغذاء والوقود والسلع الأخرى إلى اليمن، حتى ألغى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في 12 فبراير 2021 التصنيفين، بسبب الوضع الإنساني المتردي في اليمن.
ومطلع العام الجاري 2024، أعادت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، إدراج الحوثيين في اليمن على قائمة الجماعات الإرهابية، في محاولة من جانب واشنطن لوقف الهجمات على حركة السفن في البحر الأحمر.7
وكان دونالد ترامب قد انتقد سياسة بايدن في اليمن، خلال حملته الانتخابية، وقال ترامب متحدثًا إلى أنصاره في ولاية ميشيغان: نحن نقصف اليمن كل قنبلة تكلف مليون دولار لكن الشيء الأهم هو أنكم تقتلون الكثير من الناس.8
وفي تصريح آخر، هاجم ترامب سياسية بايدن في الشرق الأوسط وأوكرانيا، وقال في تدوينة: تذكروا أن هذه هي نفس العصابة التي استسلمت في أفغانستان، حيث لم تتم محاسبة أو إقالة أحد. لقد كانت اللحظة الأكثر إحراجا في تاريخ الولايات المتحدة. الآن لدينا حروب في أوكرانيا وإسرائيل واليمن، لكن لا توجد حرب على حدودنا الجنوبية. هذا يجعل من المنطقي جدا أن جو بايدن الفاسد هو أسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة!.9
تداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعًا مصورًا يظهر هزة أرضية مع تعليق: غير عادي: في إيران الأرض بدأت تهتز حرفيًا، وبدأ الغبار المتراكم منذ قرون في الارتفاع من قمم الجبال، هناك سببان فقط يمكن أن يجعلا الأرض تهتز بهذه الطريقة: الأول هو الزلزال والثاني هو اختبار سلاح نووي.
الحقائق
الفيديو مضلل، إذ أنّ المقطع قديم ويعود إلى زلزال ضرب منطقة بندر عباس جنوبي إيران عام 2021.
من خلال البحث عن مصدر الفيديو المتداول، يتضح أنه يعود إلى 14 تشرين الثاني نوفمبر 2021، ويظهر انهيارات جبلية تسبب فيها زلزال إلى جانب اهتزاز شاحنات ضخمة، كانت مركونة في أحد المواقف. وحينها وقال مركز رصد الزلازل الأوروبي المتوسطي إنّ زلزالًا بلغت قوته 6.1 درجة وقع على بعد 47 كيلومترًا تقريبًا من مدينة بندر عباس جنوب إيران، وأشار إلى أنّ الزلزال وقع على عمق 10 كيلومترات.1
وتزامن تداول الفيديو المضلل مع هزات أرضية شهدتها مدينة غرمسار في محافظة سمنان، غربي طهران، يوم الاحد الماضي، إذ أفادت وكالة الأنباء الإيرانية إرنا بوقوع زلزال بقوة 4.8 درجة وعمق 11 كيلومترًا، تلاه 10 هزات ارتدادية.2
وكان المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، قد توعد برد قاسٍ ضد الولايات المتحدة وإسرائيل على خلفية الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مواقع عسكرية إيرانية، مؤكدًا استعداد إيران عسكريًا وسياسيًا لأي مواجهة. جاء ذلك خلال إحياء ذكرى اقتحام السفارة الأميركية في طهران عام 1979.3