لا يمكن الحديث عن شهر اكتوبر، شهر الحملة العالمية للتوعية بأهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي، دون أن تكون نساء غزة ومريضات السرطان فيها، هن عنوان هذه الحملة وبوصلتها، خاصة بعد حرب إبادة استمرت عامين كاملين.
خلال عام 2024 لوحده، تم الكشف عن 250 حالة سرطان ثدي في غزة، وفقاً لما أكده محمد إبراهيم أبو الندى مدير مركز غزة للسرطان في مجمع ناصر الطبي لمرصد كاشف، مشيرا أن سرطان الثدي يشكل 30% من حالات السرطان بين النساء في غزة. ولكن لا تتوفر إحصاءات دقيقة حول مرضى سرطان الثدي.
أبو الندى يؤكد أيضا أنّ الحرب تركت آثارًا كارثية على مريضات سرطان الثدي في القطاع، موضحاً أن "الخدمات الصحية تدهورت بشكل غير مسبوق، وتوقفت برامج الكشف المبكر والعلاج الكيماوي لفترات طويلة".
ويضيف: "قبل الحرب كان معدل الإصابة بالسرطان في غزة يقارب 93 حالة لكل 100 ألف نسمة، وسرطان الثدي يمثل نحو 19% من مجموع الحالات، لكن مع اندلاع الحرب، تعطلت برامج الوقاية والفحص المبكر، وتوقفت مراكز عديدة عن العمل بسبب القصف أو نقص الوقود والكهرباء."
ويشير إلى أن 70% من الأدوية الأساسية لعلاج السرطان غير متوفرة حاليًا، بما في ذلك العلاجات الكيماوية والوريدية، بينما "العلاجات الهرمونية وبعض الأدوية التي لا تحتاج إلى تجهيزات كبيرة ما زالت متاحة جزئيًا". كما يوضح أن التحويلات الطبية للعلاج في الخارج توقفت تمامًا بسبب إغلاق المعابر ورفض التصاريح.
ويؤكد أبوندى أن جودة حياة المريضات تدهورت بشكل حاد، قائلاً:
"تأخر التشخيص، وانقطاع العلاج، والنزوح المتكرر، وسوء التغذية، كلها عوامل أثرت سلبًا على قدرة المريضات على تحمّل العلاج والاستجابة له. أما نفسيًا، فالكثير منهن يعانين القلق والاكتئاب بسبب الخوف والفقدان المستمر".
وأشار أبو الندى إلى أن مركز غزة للسرطان، المنبثق عن مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني الذي دُمّر خلال الحرب، يواصل العمل حاليًا ضمن مجمّع ناصر الطبي لتقديم ما يمكن من الرعاية الطارئة رغم النقص الكبير في الإمكانيات.
وتحدث مرصد كاشف أيضاً مع الدكتور مروان أبو سعدة، مدير مستشفى الشفاء في غزة، الذي أكد أيضاً أن الخدمة الصحية في غزة تعرضت لتدهور كبير أمام ضغط الحرب وتبعاتها، ويشير إلى أن مرضى الأورام، بما فيهم حالات سرطان الثدي، يواجهون معوّقات مضاعفة:
"ما فيه أجهزة متوفّرة، ما فيه علاجات مكتملة، الكثير من المريضات احتجن للنقل خارج غزة ولم يتمكن من ذلك نتيجة إغلاق المعابر، ولا زلن يؤجلن العلاج بشكل لا يُطاق… حتى الكشف المبكر صار شبه متعذّر".
وأضاف:
"خلال فترة الحرب أصبحنا نرى تزايدًا في حالات السرطان أو على الأقل في تأخّر التشخيص، لأنه لم يكن باستطاعتنا توفير الفحوص أو العلاج المنتظم، مريضات سرطان الثدي لا زلن ينتظرن دورهن للسفر والعلاج، وهذا كلّه يقلل من فرصهن في النجاح في علاجهن".
ويؤكد أبو سعدة أن "الأزمة لا تتعلق فقط بفقدان الأدوية أو المعدات، بل بإغلاق المعابر، نقصان الوقود، تدمير البنى التحتية، وضغط نفسي كبير على العاملين والمريضات".
أولا: سرطان الثدي مرض لا يمكن الشفاء منه
قارنا هذه المعلومة مع مصادر علمية موثوقة كتبت عن سرطان الثدي، فوجدنا American Cancer Society (ACS) تشير في إحدى الدراسات العلمية، إلى أن "سرطان الثدي، خصوصًا عند تشخيصه في مرحلة مبكرة، يُعد واحدًا من أكثر أنواع السرطان ارتفاعًا في معدلات البقاء".
نفس المصدر يوضح أيضا أن "نسبة البقاء على قيد الحياة لعشر سنوات بعد التشخيص المحلي (الذي لم ينتشر في الجسم) تُجاوز 99%".
دراسة في المجلة العلمية تشير إلى أن التشخيص المبكر والعلاج المناسب يحققان نتائج أفضل بكثير من التشخيص المتأخر: "اكتشاف الأورام في أصغر حجم ممكن وتحقيقه العلاج المناسب ترتبط ببقاء طويل الأمد".
ثانيا: سرطان الثدي يصيب النساء فقط
حول هذا الأمر أكدت مديرة مركز دنيا لأورام النساء، د. نفوز مسلماني أن المعلومة خاطئة فسرطان الثدي يمكن أن يصيب الرجال أيضا، وتوافقت هذه المعلومة أيضا مع مصادر علمية مختلفة تتحدث عن سرطان الثدي الإصابة والعلاج، فمنظمة الصحة العالمية مثلا، تقول حول هذا الأمر أنه "رغم أن سرطان الثدي أكثر شيوعًا بين النساء، إلا أنه يمكن أن يصيب الرجال كذلك، ويجب عدم تجاهل أي أعراض تظهر في الثدي لديهم".
بالإضافة إلى المعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة، والذي يؤكد أنه "يمكن أن يصاب الرجال بسرطان الثدي أيضًا، رغم أنه نادر، حيث يُشخَّص ما يقارب 1% من جميع حالات سرطان الثدي سنويًا لدى الرجال".
ثالثا: إذا كانت الأم مصابة، فستُصاب جميع بناتها بالمرض "أثر العوامل الوراثية".
يؤكد مركز دنيا أن هذه المعلومة أيضا غير صحيحة، فالعوامل الوراثية كما تقول د. نفوز مسلماني تزيد من الخطر لكنها لا تحدد المصير، ومعظم الحالات التي يتم الكشف عنها ليست وراثية، ووفقا لتقارير منظمة الصحة العالمية، نحو 5–10% فقط من حالات سرطان الثدي تكون مرتبطة بعوامل وراثية، مثل طفرات جينية في BRCA1 أو BRCA2، وهي معلومة تؤكدها أيضا جمعية السرطان الأمريكية، أما باقي الحالات فهي ناتجة عن عوامل بيئية ونمط حياة، مثل التغذية، السمنة، وقلة النشاط البدني.
في نفس الوقت يوضح المعهد الوطني للسرطان – الولايات المتحدة NCI أن "وجود تاريخ عائلي يزيد من الخطر، لكنه لا يعني أن كل من لديها قريبة مصابة ستصاب حتمًا بالمرض".
وهذا يتوافق أيضا مع تقارير منظمة الصحة العالمية (WHO) التي توضح أن فحص الماموغرام "آمن، والجرعة الإشعاعية المستخدمة منخفضة للغاية ولا تشكل خطرًا للإصابة بالسرطان". بالإضافة إلى أن الكلية الأمريكية للأشعة (American College of Radiology - ACR) تقول إن "جرعة الإشعاع في الماموغرام تعادل تقريبًا ما يتعرّض له الشخص من الإشعاع الطبيعي على مدى سبعة أسابيع، وهي كمية لا تشكل خطرًا صحيًا".
وهذا أيضا ما تؤكده مصادر علمية مختلفة منها الجمعية الأمريكية للسرطان (ACS) التي تقول إن: "الدعم النفسي والاجتماعي ضروري لكل مرحلة من مراحل مرض السرطان، بما في ذلك بعد انتهاء العلاج، لتحسين الصحة النفسية والتكيف مع التغيرات الجسدية والاجتماعية".
كما يشير المعهد الوطني للسرطان (NCI) أن: "الاستشارات النفسية والمجموعات الداعمة تعزز من قدرة المريضات على التكيف مع تحديات المرض والعلاج، وتساهم في تحسين النتائج الصحية على المدى الطويل".
ثامنا: الرضاعة الطبيعية لا تؤثر على خطر الإصابة
الحقيقة أن الرضاعة الطبيعية تقلل من احتمالية الإصابة بسرطان الثدي، خاصة إذا استمرت لعدة أشهر، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن: "الرضاعة الطبيعية تقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء، حيث يساهم استمرار الرضاعة لمدة 12 شهرًا أو أكثر في تقليل خطر الإصابة".
كما يؤكد المعهد الوطني للسرطان الأمريكي (NCI) أن "الرضاعة الطبيعية تقلل من خطر سرطان الثدي لدى النساء، وهو تأثير يرتبط بطول مدة الرضاعة".
تاسعا: إزالة الثدي بالكامل هي الحل الوحيد لعلاج السرطان
يؤكد مركز دنيا أن هذه إحدى الشائعات الاكثر انتشارا حول سرطان الثدي، ولكن ليس بالضرورة إزالة الثدي بالكامل من أجل العلاج؛ التشخيص والعلاج المبكر يسمح غالبًا بإزالة الجزء المصاب فقط، وهذا ما تؤكد ه أيضا الجمعية الأمريكية للسرطان (ACS): "الاستئصال الجزئي للثدي (Breast-conserving surgery) فعال في علاج معظم حالات سرطان الثدي، ويحقق نتائج مماثلة للجراحة الكاملة إذا تم الجمع مع العلاج الإشعاعي".
كما يشير المعهد الوطني للسرطان (NCI) إلى أن "الاستئصال الجزئي خيار آمن وفعال للعديد من النساء، ويقلل من التأثير النفسي والجسدي للعلاج".
عاشرا: صورة الماموجرام مؤلمة جدًا
أكدت د. نفوز مسلماني مديرة مركز دنيا، أن الماموجرام قد يكون مزعجًا للحظات بسبب ضغط الثدي، لكنه آمن وسريع ولا يسبب الألم الدائم، كما توضح الجمعية الأمريكية للسرطان أن "الفحص الشعاعي للثدي إجراء آمن، سريع، ويستغرق عادة أقل من 20 دقيقة".
حادي عشر: الخزعة من الورم تسبب انتشاره
وأكدت مسلماني أن هذه الشائعة أيضا منتشرة بشكل كبير حول سرطان الثدي، ولكنها معلومة غير صحيحة أبدا، فالخزعة إجراء آمن جدًا ولا تؤدي إلى انتشار السرطان، وهذا يتطابق أيضا مع رأي الجمعية الأمريكية للسرطان، التي تؤكد أن: "الخزعة بواسطة الإبرة أو الجراحة لا تزيد من خطر انتشار الورم، وهي خطوة ضرورية للتشخيص الدقيق".
كما يشير المعهد الوطني للسرطان (NCI) إلى أن "أخذ عينة من النسيج المصاب آمن، ويعد من أهم خطوات التشخيص قبل تحديد خطة العلاج".
وخلال الحملة التي أطلقها مرصد كاشف، بالشراكة مع مركز دنيا تم إنتاج ونشر تصاميم يومية تتضمن شائعات حول مرض سرطان الثدي، ونشر المعلومات الحقيقية بعد التحقق منها من مصادر مختلفة، بهدف رفع وعي الجمهور وخاصة النساء كونهن الأكثر إصابة بهذا المرض، وذلك من أجل تشجيعهن على إجراء الفحص المبكر، وبدء رحلة العلاج من أجل إنقاذ حياتهن.
للاطلاع على إنتاجات الحملة زوروا صفحات كاشف على منصات التواصل فيسبوك وانستغرام.
"مش كل شي بتسمعيه صح.. افحصي وطمنينا"