مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
قال خلال برنامج من بغداد الذي يعرض على قناة التغيير الدقيقة 35: إحنه الآن كإعلام وكمراقبين لم نطلع على هذه القضية قضية خلية التجسس في مكتب السوداني إلا بعد أن نشرتها الصحافة الأجنبية شوف الموضوع وين واصل أستاذ نجم لو تقرير صحفي عراقي جان اتهموا بالابتزاز.
الحقائق
التصريح غير دقيق، إذ أنّ قضية شبكة التجسس والابتزاز في مكتب رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني طرحت أول مرة من قبل أطراف برلمانية، كما أنّ التقرير الذي أشار إليه العنبر لم ينشر عبر صحافة أجنبية بل من خلال موقع كردي يكتب باللغة الإنكليزية.
وتكشفت قصة شبكة التجسس والابتزاز بعد أنّ أعلن النائب مصطفى سند في 19 آب أغسطس 2024، اعتقال نائب مدير الدائرة الإدارية في مجلس الوزراء محمد جوحي، وعدد من الضباط والموظفين، مبينًا أنّ الشبكة كانت تمارس عدة أعمال غير نظيفة ومنها التنصت على هواتف عدد من النواب والسياسيين وعلى رأسهم رقم هاتفي، كذلك تقوم الشبكة بتوجيه جيوش إلكترونية وصناعة أخبار مزيفة وانتحال صفات لسياسيين ورجال أعمال ومالكي قنوات.1
وفي ذات اليوم، كشفت النائب سروة عبد الواحد أن جوحي ليس المتهم الوحيد بانتحال الصفة، فهناك شخص اسمه جهاد يدَّعي أنه مستشار رئيس مجلس الوزراء والآن يجري التحقيق معه أيضًا بسبب إساءته إلى رئيس الوزراء من خلال استخدام اسمه وتهديده للنساء وإهانتهن، موضحة أن القضية الآن أمام القضاء.2
وبعد تداول التدوينة على نطاق واسع من قبل الوكالات المحلية ووسائل الإعلام، أصدر مكتب السوداني، بيانًا في اليوم التالي 20 آب أغسطس 2024، جاء فيه أنّ رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني بتشكيل لجنة تحقيقية بحقّ أحد الموظفين العاملين في مكتب رئيس مجلس الوزراء؛ لتبنيه منشورًا مسيئًا لبعض المسؤولين وعدد من السادة أعضاء مجلس النواب، وإصدار أمر سحب يد لحين إكمال التحقيق.3
وبعد نحو 8 أيام من إعلان اعتقال جوحي، نقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر أمني، معلومات عن اعتقال ضابط سابق في الأمن الوطني يدعى علي مطير بتهمة إدارة جيوش إلكترونية وصناعة أرقام هواتف وهمية تستخدم لأغراض الابتزاز، فضلًا عن تسريب المعلومات والأخبار المزيفة الى وسائل إعلام ضمن خلية جوحي.4
أما التقرير الصحفي الصادر باللغة الأنجليزية عن شبكة التجسس في مكتب السوداني، فصدر بعد 9 أيام من الكشف عن الشبكة، ولم يكن هو المصدر الأول للخبر، إذ نشر موقع تقريرًا، في 28 آب أغسطس، يفيد بتورط الشبكة بالتنصت على رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، نقلاً عن مصادر أمنية5، قبل أنّ يصدر مجلس القضاء الأعلى بيانًا نفى فيه ما ورد ضمن التقرير.6
وموقع ليس موقعًا أجنبيًا، بل موقع عراقي كردي، ناطق باللغة الأنكليزية، ولم يكن أول من تناول ملف شبكة التجسس7. وفي 31 آب أغسطس 2024، أفاد الموقع في تقرير جديد بصدور أوامر اعتقال بحق السكرتير العسكري لرئيس الوزراء الفريق عبد الكريم السوداني، ومدير مكتب السوداني إحسان العوادي، وأحمد إبراهيم السوداني، مدير مكتب رئيس جهاز الاستخبارات الذي يديره السوداني، لتورطهم في شبكة التجسس التي يديرها جوحي.8
لكن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء أصدر بيان نفي عقب تداول هذا التقرير بشكل واسع، وجاء في البيان: تتابع الحكومة، من منطلق التزامها ومسؤولياتها القانونية، الحملات المضللة التي تستهدف إعاقة عملها في مختلف المجالات، ومنها ما جرى تناوله من معلومات غير دقيقة تستبطن الغمز، وبعضها تضمن الاتهام المباشر للحكومة تجاه قضايا تخضع الآن لنظر القضاء، إذ تنتظر السلطة التنفيذية ما سيصدر عنه بهذا الصدد، مع تأكيد الحكومة المستمر على الالتزام بالقانون واحترام قرارات القضاء.9
وتحوم شبهات حول رئيس الوزراء شخصيًا في قضية شبكة التنصت على المسؤولين، إذ يؤكّد النائب مصطفى سند أنّ محمد جوحي المتهم الأبرز في القضية يعتبر الذراع الأيمن لرئيس الوزراء، في إشارة إلى أن عمل جوحي كان بتوجيه رئيس الوزراء، في ظل تساؤلات مفتوحة عن أسباب تقريب جوحي من قبل السوداني ونقله من رئاسة الجمهورية إلى مكتبه ومنحه صلاحيات واسعة من خلال تنصيبه في 3 مواقع رفيعة.10
قال في لقاء متلفز على قناة سامراء 48:42 د اللي اشتركوا بجريمة ساحة الوثبة 14 واحد كلهم انحكموا اعدام.
الحقائق
التصريح غير دقيق، إذ أن حكم الإعدام صدر بحق 6 أشخاص بعد إدانتهم في قضية ساحة الوثبة عام 2020.
في 20 تشرين الأول أكتوبر 2020، أصدرت المحكمة الجنائية المركزية الهيئة الأولى التابعة لرئاسة محكمة استئناف بغداد الرصافة، حكمًا بالإعدام بحق 6 مدانين بجريمة قتل في ساحة الوثبة وهم كلًا من حسين علي، ومحمد عادل، وعبد الرحمن عبد الزهرة، وهند بشار، وأحمد نوري، ومحمد حامد.1
وفي 15 كانون الأول ديسمبر 2019، بعد وقوع الحادثة، أعلنت وزارة الداخلية إلقاء القبض على خمسة متهمين في الحادثة وفقًا لأوامر قضائية صدرت بحقهم وتم فتح تحقيق لمعرفة بقية الجناة.2
وتعود حادثة ساحة الوثبة إلى كانون الأول ديسمبر 2019، فيما اختلفت الروايات حولها، إذ قال المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة آنذاك، عبد الكريم خلف، إن المحتجين في بغداد هاجموا فتى يبلغ من العمر 17 عامًا، بعد أن كانوا متجمعين أمام منزله وطلب منهم الابتعاد عن داره، إلا أنهم رفضوا ذلك، فدخل معهم في مشادة كلامية سرعان ما تحولت الى شجار وتراشق بالكلام وتم قتله وعلقت جثته على عمود في الساحة.2
فيما قال بيان صدر باسم المتظاهرين في ساحة التحرير: وفق شهود عيان من المدنيين والقوات الأمنية قام أحد الاشخاص من سكنة منطقة ساحة الوثبة وهو تحت تأثير المخدرات بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين وقتل عدد منهم، دون أي تدخل من القوات الأمنية، ما دفع البعض إلى مهاجمة منزله وحدث ما حدث، أمام رفض تام من قبل المتظاهرين السلميين لجميع الأفعال هذه.3
ووقعت الحادثة بعد أشهر من احتجاجات عارمة انطلقت في تشرين الأول أكتوبر 2019، وامتدت إلى معظم محافظات العراق، احتجاجًا على فساد النظام السياسي وسوء الخدمات، وقابلتها السلطات الأمنية بالعنف ما أدى إلى مقتل وإصابة الآلاف.4
انتشر خبر مضلل على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك مفاده اغتيال الرائد البحار عبدالرحمن ميلاد البيدجا في ليبيا بعد يومين من تصريح رئيسة وزراء إيطاليا ودعوتها للقضاء على المهربين واستهداف قوارب الهجرة.
وجدت حكومة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني نفسها في ورطة كبيرة، إثر إسقاط طائرة مسيرة تركية بنيران الدفاعات الجوية العراقية، وتبني الحادثة، الأولى من نوعها منذ عام 2003، من قبل نائب قائد الدفاع الجوي في المنطقة الشمالية، العميد الركن عبد السلام رمضان، قبل أنّ تعلن قيادة العمليات فتح تحقيق في الحادث، في محاولة للملمة القضية وتجنب التوتر مع أنقرة.
ولم تكتف الحكومة بهذا البيان، إذ صدر أمر استقدام إلى بغداد بحق العميد عبد السلام رمضان، والذي سيواجه عقوبات أخفها الإعفاء من المنصب، بحسب ما أكّده قائد رفيع في قيادة الدفاع الجوي لـ صحيح العراق، كما كشف معلومات مفصلة عن قضية العميد.
تسلسل زمني
ونجح الدفاع الجوي العراقي، الخميس الماضي 29 آب أغسطس، لأول مرة منذ سقوط النظام السابق عام 2003، بإسقاط طائرة مسيّرة تركية من نوع أنكا لدى اختراقها أجواء مدينة كركوك أكثر من 400 كيلومتر شمال بغداد، وظهر العميد عبد السلام رمضان مؤكدًا بنبرة فخر إسقاط الطائرة التي اخترقت الأجواء العراقية، وقال إنّ أوامر إسقاط الطائرة صدرت من قائد القوات الجوية العراقية.
وطابق إعلان العميد عبد السلام رمضان، برقية وزارة الدفاع عن الحادثة، والتي حصل عليها صحيح العراق من مصدر رفيع في الوزارة، إذ أشارت إلى أنّ قوات الدفاع الجوي العراقي في قاطع معسكر كيوان شمال مدينة كركوك، رصدت دخول طائرة مسيرة مجهولة إلى الأجواء الشمالية والشرقية للمدينة، وتعاملت معها
بموجب بروتوكول الدفاع الجوي وتم استهدافها للتحذير، وبعدها تم إسقاطها بواسطة منظومة بانستير.
ارتباك رسمي!
ومع انتشار هذه المعلومات بعد ساعات من الحادث، صدر بيان قيادة العمليات بلهجة متحفظة وحذرة جدًا أكّد تشكيل لجنة للتحقيق في أسباب سقوط الطائرة داخل مدينة كركوك، وجاء في نصه: في الساعة 1030 تم ملاحظة سقوط الطائرة داخل المدينة، وتبين أنها طائرة تركية، وتم تشكيل فريق عمل فني من الأدلة الجنائية، والدفاع الجوي، وملاكات الطائرات المسيرة لغرض معرفة أسباب سقوطها، وملابسات الحادث.2
وتجنب البيان ذكر أي تفاصيل حول الاشتباك مع الطائرة التركية التي رفضت الاستجابة لتحذيرات الدفاعات الجوية العراقية، خلافًا لنص البرقية الأمنية لوزارة الدفاع، حيث أشارت إلى حوادث تماس سابقة مع طائرات تركية مسيرة، كانت تنسحب بموجب بروتوكول التحذير.3
صاروخ بانتسير وإصابة مباشرة
وأظهرت مشاهد من مدينة كركوك إطلاق صاروخ أرض جو نحو الطائرة التركية، وأصابها مباشرة ليحولها إلى أجزاء حطام مشتعلة كما أظهرت مقاطع مصورة أخرى، والتي سقط بعضها على منزل داخل مدينة كركوك، بالتحديد في حي تسعين، دون خسائر بشرية.
وأطلق الصاروخ من منظومة بانتسير الروسية، والتي تعتمدها وزارة الدفاع العراقية لمعالجة الأهداف الجوية والبرية والبحرية، وبنسبة نجاح تصل الى 99، إذ تتكون بطاريتها من نظام متكامل يحتوي على عجلات قتالية وقيادة وسيطرة تمكنها من مجابهة جميع أنواع التهديدات سواء كانت طائرات أو صواريخ أو أهداف أرضية، بحسب الوزارة، ويمكنها كشف 40 هدف في آن واحد والاشتباك مع 4 أهداف في الوقت ذاته وبإمكانها إطلاق النار أثناء المسير.4
وتعمل منظومة بانتسير بصواريخ قصيرة المدى لا يتجاوز مداها 15 كيلومترًا، وهي من الحلقات النارية القطرية، على عكس منظومة سي رام التي يتجاوز مداها 400 كيلومتر، وفق الخبير العسكري أحمد الشريفي.
ويقول الشريفي لـ صحيج العراق، أنّ هذه المنظومة تستخدم لحماية الأهداف الحيوية الفوقية مثل محطات الكهرباء والسدود المائية ومراكز السيطرة العسكرية والمقرات السياسية في حال حصول تخطي من الطيران المنخفض، مبينًا أنّ المنظومات القطرية، تعمل بخط ناري قصير المدى بين 515 كم، وهو مدى محدود مقارنة بـسي رام والتي يصل مداها إلى 400 كيلومتر.
ودخلت منظومة بانتسير لأول مرة إلى العراق، لحماية المنطقة الخضراء والسفارة الأميركية بعد عام 2003، قبل أن يتم استبدالها بمنظومة سي رام بحسب الشريفي.
ولا يمكن إطلاق هذا النوع من الصواريخ إلاّ بموافقة عليا تصدر من وزارة الدفاع، كما يؤكّد ضابط رفيع في قيادة القوة الجوية العراقية لـ صحيح العراق، ما يعني أنّ إسقاط الطائرة جرى بعلم القيادة العسكرية العراقية، ولم يكن تصرفًا فرديًا من قيادة المنطقة الشمالية.
لكن الضابط الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، قال إنّ القيادة العسكرية في وزارة الدفاع لم تكن تريد تبني إسقاط الطائرة بشكل رسمي، تجنبًا لأي توتر مع تركيا التي أبرمت مؤخرًا اتفاقية أمنية مع الحكومة العراقية، تهدف إلى القضاء على حزب العمال الكردستاني، مبينًا أنّ الظهور التلفزيوني لنائب قائد المنطقة الشمالية العميد عبد السلام رمضان أوقع المؤسسة العسكرية في ورطة كبيرة.
استقدام إلى بغداد
إثر ذلك، استقدمت مديرية الاستخبارات في قيادة الدفاع الجوي العراقي العميد عبد السلام رمضان إلى بغداد للتحقيق، واحتجزته في مقرها داخل مطار بغداد، وفقًا لمعلومات مؤكدة حصل عليها صحيح العراق.
وتشير المعلومات التي وردت على لسان أحد أبرز قيادات الدفاع الجوي العراقي، إلى أنّ جلسة التحقيق الأولية مع العميد استمرت لنحو 6 ساعات، وتركزت حول أسباب الإدلاء بتصريحات علنية عن إسقاط الطائرة، دون تخويل من القيادة العسكرية، أو الرجوع إليها، والذي اعتبر محاولة لإحراج قيادة الدفاع الجوي ووزير الدفاع.
السجن أو الإعفاء!
ويرجح الضابط الرفيع أنّ يواجه العميد عبد السلام عقوبة الإعفاء من منصبه على والنقل إلى موقع آخر على الأقل، ولا يستبعد أنّ تصدر بحقه عقوبة أشد.
ويقول الضابط الرفيع لـ صحيح العراق، إنّ العميد قد يواجه عقوبة الحبس في سجن مركز وزارة الدفاع في مطار بغداد، في حال تنصلت القيادات العليا من أوامر إسقاط الطائرة، مبينًا أنّ الحكومة العراقية تسعى إلى تخفيف التوتر الذي أثارته الحادثة مع الجانب التركي، وخطوة معاقبة العميد عبد السلام رمضان ستأتي في هذا السياق، إلاّ في حال تدخلت جهات سياسية لإغلاق القضية والاكتفاء بإعفائه من منصبه.
ويحمل العميد دفاع جوي الركن عبد السلام حمودي رمضان شهادة الدكتوراه، منذ نهاية عام 2022، إذ نشرت وزارة الدفاع سابقًا مشاهد من جلسة مناقشة أطروحته الموسومة غزوة بدر الكبرى الأسباب والنتائج، وقالت إنّ الأطروحة تناولت أسباب غزوة بدر ولماذا سميت بهذا الاسم وماهي نتائجها، وقد حاز من خلالها الباحث على تقدير جيد عال، مع إشادات كبيرة من قبل المختصين في مجال التاريخ العسكري العربي بالأطروحة التي قدمت في هذه المناقشة وأبرز المحاور التي طرحت فيها، لارتباطها وبشكل كبير في الحياة العسكرية إضافة إلى الدور المهم في تطوير المؤسسة العسكرية والارتقاء بها.5