Arabi Facts Hubis a nonprofit organization dedicated to research mis/disinformation in the Arabic content on the Internet and provide innovative solutions to detect and identify it.
خلال اليومين الماضيين أدان العراق إلى جانب العديد من دول العالم، بما في ذلك الدول الحليفة لإسرائيل، استهداف القوات الإسرائيلية قاعدةً لقوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في لبنان يونيفيل في 11 تشرين الأول أكتوبر الجاري.
واعتبر العراق الاستهداف الإسرائيلي لقاعدة اليونيفيل في قرية الناقورة اللبنانية، انتهاكًا صارخًا لأحكام القانون الإنساني والدولي، وتقويضًا لـ الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، داعيًا إلى توفير الحماية الكاملة لجميع أفراد قوات حفظ السلام، لا سيما في ظل هذه الظروف البالغة الصعوبة. كما دعا العراق إلى وقف فوري لإطلاق النار، وطالب المجتمع الدولي بـ الوفاء بمسؤولياته لضمان احترام القانون الدولي وحماية قوات حفظ السلام ومنع تكرار مثل هذه الاعتداءات.1
فيما جاءت الإدانات العالمية شديدة اللهجة بشكل نادر، حيث وصفت إيطاليا الهجوم بـجريمة حرب، فيما طالبت فرنسا بوقف تصدير السلاح إلى إسرائيل، إضافة إلى استدعاء عدة دول أوروبية بينها فرنسا وإسبانيا وإيطاليا سفراء إسرائيل لديها.
لكن الهجوم الإسرائيلي الذي أدى إلى إصابة جنديين أمميين ليس الانتهاك الوحيد لقوات حفظ السلام الأممية وسلطتها القانونية في لبنان، بل هو جزء من سلسلةِ انتهاكات لم تنتهِ حتى الآن تجاه قوة الأمم المتحدة، نوضحها في هذا التقرير بالاستناد إلى البيانات الأممية والأدلة البصرية مفتوحة المصدر.
أولًا: ما هي قوات اليونيفيل؟
اليونيفيل قوة متعددة الجنسيات تابعة للأمم المتحدة، تعمل في لبنان منذ مارس 1978 استنادًا إلى قراري مجلس الأمن 425 و426 اللذين أكدا أن مهمة اليونيفيل تأكيد انسحاب إسرائيل من لبنان، ومساعدة الحكومة اللبنانية على بسط سلطاتها في المنطقة. 2
منذ ذلك الحين شهدت مهام اليونيفيل تطورًا مدفوعًا بالانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لقرارات مجلس الأمن، وصولًا إلى القرار رقم 1701 لسنة 2006 الذي تضمن زيادة قوة اليونيفيل إلى 15 ألفًا بحدٍ أقصى، وإنشاء منطقة تمتد من الخط الأزرق الخط الحدودي بين جنوب لبنان وشمال إسرائيل إلى نهر الليطاني، تكون منزوعة السلاح سوى سلاح اليونيفيل وقوات الجيش اللبناني. 3
وتبلغ مساحة المنطقة منزوعة السلاح حوالي 850 كيلومتر مربع، أي أكثر من 8 من إجمالي مساحة لبنان البالغة 10450 كيلومتر مربع.
تتوزع قواعد قوات اليونيفيل على امتداد هذه المساحة، ويقع مقرها الرئيسي في بلدة الناقورة الحدودية، وأعطيت اليونيفيل الحق في استخدام القوة لمنع خرق القرار 1701 4. ويتمثل الخرق الأساسي لقرارات مجلس الأمن وانتهاك سلطة اليونيفيل القانونية، في تجاوز الخط الأزرق.
الانتهاكات الإسرائيلية ضد اليونيفيل
الاستهداف الإسرائيلي لمقر اليونيفيل في 10 أكتوبر لم يكن الانتهاك الأول الإسرائيلي الأول ضد اليونيفيل، وليس الأخير.
على مدار العقود الماضية ومنذ تأسيس اليونيفيل، تعرضت لانتهاكات هي والمناطق الخاضعة لولاياتها من قبل القوات الإسرائيلية، بما في ذلك الاستهداف المباشر لها كما حدث في 1996 عندما قصفت مدفعية إسرائيلية مقر قيادة كتيبة فيجي في اليونيفيل، بقرية قانا اللبنانية، فيما عرفت بـمجزرة قانا التي أصيب فيها 4 جنود من اليونيفيل، كما قتل فيها نحو 120 مدنيًا لبنانيًا كانوا قد لجؤوا لمقر الكتيبة بسبب القصف الإسرائيلي. 5
بررت إسرائيل قصف منطقة القوة الأممية بأن قذائف هاون أطلقها حزب الله من هناك، غير أنّ تحقيقًا أجرته الأمم المتحدة 6 أثبت أنّ منطقة إطلاق قذائف حزب الله لم يتم قصفها إسرائيليًا، وأنها تبعد حوالي 220 مترًا عن موقع القوة الأممية، وحوالي 75 مترًا عن موقع آخر مدني تعرض للقصف الإسرائيلي أيضًا.
والآن تكرر إسرائيل الانتهاكات ضد القوات الأممية لدرجة مطالبة نتنياهو الأمم المتحدة بسحب اليونيفيل من مواقعها في لبنان 7. وعلى كل حال رصد صحيح العراق أن الاقتحامات التي نفذتها القوات الإسرائيلية برًا للبنان، استهدفت نقاطًا حدودية تتواجد فيها قواعد اليونيفيل.
وبتحليل صور أقمار 2 الصناعية بالإضافة للأدلة البصرية مفتوحة المصدر، يُمكن رصد آثار التوغلات الإسرائيلية داخل لبنان، حيث رصد صحيح العراق 9 مناطق على الأقل تجاوزت منها القوات الإسرائيلية الخط الأزرق. ويُعد كل تجاوز عسكري للخط الأزرق انتهاكًا لقرارات مجلس الأمن بما في ذلك القرار الأخير رقم 2749 الصادر في آب أغسطس 2024.8 ومن بين مناطق التجاوز هناك 6 مناطق على الأقل نفذت فيها إسرائيل أعمالًا عدائية ضد قواعد اليونيفيل أو في محيط أمتار منها كما توضح هذه الخريطة:
تداولت وكالات وحسابات وصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، صورة تظهر عددًا من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي يجلسون بحالة انكسار على الأرض، وقالت إنّها التقطت بعد قصف حزب الله مركز قوات غولاني جنوب حيفا.
الحقائق
الصورة مضللة، إذ أنها تعود إلى عام 2004، لجنود إسرائيليين في قطاع غزة ولا علاقة لها بالهجوم الذي استهدف قاعة لجيش الاحتلال في بنيامينا جنوب حيفا.
ويظهر البحث العسكي عن أصل الصورة، أنها نشرت في 3 نيسان أبريل 2004، أثناء انتظار عدد من جنود الاحتلال انتهاء أعمال تفقد نفق عُثر عليه في منزل أثناء عملية في مخيم رفح للاجئين، بجوار الحدود المصرية في جنوب قطاع غزة.1
والتقطت الصورة من قبل أحد مصوري وكالة أسوشيتد برس حينها، ويدعى أوديد باليلتي.2
وجاء تداول الصورة المضللة في أعقاب هجوم حزب الله على قاعدة عسكرية للواء غولاني بالقرب من بنيامينا جنوبي حيفا، والذي أسفر عن مقتل 4 من جنود جيش الاحتلال وإصابة العشرات، إصابة عدد منهم حرجة.3
نشر حساب إيدي كوهين على منصة إكس، مقطع فيديو يظهر نفقًا صخريًا، وقال إنّ الموقع هو أحد أنفاق حزب الله، واعتبر اكتشاف النفق دليلاً على توغل جيش الاحتلال الإسرائيلي جنوب لبنان خلال العمليات العسكرية التي تجري حاليًا.
الحقائق
الفيديو مضلل، إذ يظهر البحث العكسي أنّ المقطع قديم وهو يظهر نفقًا قالت سلطات الاحتلال الإسرائيلية إنّها اكتشفته داخل أراضي الكيان قبل أكثر من 5 سنوات.
وحلل صحيح العراق الفيديو الذي نشره حساب كوهين، وترجم تعليقات المتحدثين باللغة العبرية، ليظهر أنّ قصة النفق تعود إلى شهر آيار مايو من عام 2019، حين أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي اكتشاف نفق عابر للحدود تابع لحزب الله يمتد من لبنان الى داخل الأراضي الإسرائيلية خلال عملية أطلق عليها الدرع الشمالي، وقال إنّ النفق هو أطول وأهم نفق يتم العثور عليه.1
وبحسب المعلومات التي نشرها جيش الاحتلال حينها، فإنّ النفق كان محفورًا بعمق 80 مترًا، وبطول كيلومتر واحد، وكان يخترق الحدود بين لبنان والأراضي المحتلة بمسافة 77 مترًا، ويقع مخرجه قرب قرى شتولا وزرعيت الإسرائيلية، كما أكّد جيش الاحتلال أنّ النفق مزود ببنية تحتية لأنظمة كهرباء، تهوية واتصالات، لكنه كان ما يزال يحتاج إلى سنوات حتى إنهاء تجهيزه.2
كما نشر جيش الاحتلال مقطعًا مصورًا للنفق، وقال إنّ اكتشاف النفق الذي تم نتيجة عملية تكنولوجية متطورة نفذها الجيش، وليس بسبب شكاوى السكان حول سماع أصوات حفر تحت الأرض في المنطقة.3
ويأتي الفيديو الذي نشره حساب كوهين في سياق محتوى مضلل وكاذب تصاعد بشكل هائل منذ اندلاع الأحداث بعد السابع من تشرين الأول أكتوبر الماضي، إذ تستغل صفحات وحسابات التوتر والتطورات المتسارعة لترويج أكاذيب لأهداف دعائية، أو لكسب التفاعل.